کد مطلب:67821 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:455

قرشیه الحدیث ألقاها عمر فی البحر











من المفارقات فی منطق عمر بن الخطاب مؤسس نظام الخلافة القرشیة، أنه هو الذی رفع رایة (أن الخلیفة من قریش والخلافة لاتكون إلا فی قریش)، فقد احتج علی الأنصار فی السقیفة بأن قریشاً قبیلة النبی صلی الله علیه وآله فهم أحق بسلطانه.. فمن ذا ینازعنا سلطان محمد ونحن قومه وعشیرته؟!

وكان هدفه من ذلك تسكیت الأنصار، الذین یعیش القرشیون فی بلدهم وضیافتهم، حتی لایقولوا نحن نصرناه ونحن أولی بخلافته!! وقد نجح عمر بهذا المنطق القبلی فی السقیفة، بسبب تفرق كلمة الأنصار، رغم مخالفة رئیسهم سعد بن عبادة مخالفة عنیفة.

ولكن عمر نفسه عند وفاته تخلی عن مبدأ قرشیة الخلیفة، وألقی به فی البحر، وأكد أنه لو كان سالم الفارسی مولی أبی حذیفة الأموی حیاًّ، لعهد إلیه بالخلافة!! ففی تاریخ المدینة:140:3 (عن عبدالله بن بریدة: لما طعن عمر رضی الله عنه قیل له: لو استخلفت؟ قال: لو شهدنی أحد رجلین استخلفته أنی قد اجتهدت ولم آثم أو وضعتها موضعها: أبوعبیدة بن الجراح، وسالم مولی أبی حذیفة!!).

وفی مجمع الزوائد:220:4 (عن أبی رافع أن عمر بن الخطاب كان مستنداً إلی ابن عباس وعنده ابن عمر وسعید بن زید فقال: إعلموا أنی لم أقل فی الكلالة شیئاً، ولم أستخلف من بعدی أحداً، وأنه من أدرك وفاتی من سبی العرب فهو حر من مال الله عزوجل.

فقال سعید بن زید: أما إنك لو أشرت برجل من المسلمین لائتمنك الناس، وقد فعل ذلك أبوبكر، وائتمنه الناس. فقال عمر: قد رأیت من أصحابی حرصاً سیئاً، وإنی جاعل هذا الأمر إلی هؤلاءالنفر الستة الذین مات رسول الله صلی الله علیه وسلم وهو عنهم راض.

ثم قال: لو أدركنی أحد رجلین، ثم جعلت هذا الأمر إلیه لوثقت: سالم مولی أبی حذیفة، وأبوعبیدة بن الجراح). انتهی.

وبذلك فتح عمر الباب لأبی حنیفة وغیره، لیلغوا هذا الشرط من الخلافة الإسلامیة، وقد استفاد من فتواه السلاجقة والممالیك، ثم تبنی العثمانیون مذهب أبی حنیفة، ونشروا فقهه بسبب فتواه فی الخلافة، وتسموا بخلفاء النبی صلی الله علیه وآله.

موقف الوهابیین من شرط القرشیة فی الحاكم

نشترط نحن الشیعة الإمامیة فی الأئمة أن یكونوا من قریش من عترة النبی صلی الله علیه وآله بسبب ثبوت النص علیهم بأسمائهم وعددهم علیهم السلام فالإمامة عندنا لاتثبت إلا بالنص فقط، والنص إنما هو علی هؤلاء الإثنی عشر علیهم السلام.

وبما أن خاتمهم الإمام المهدی علیه السلام غائب، فالحكم فی الأمة فی عصرنا یكون بالوكالة عنه، والوكیل لابد أن تتوفر فیه شروط الفقاهة والعدالة وغیرها، ولا نشترط فیه أن یكون قرشیاً.. وبذلك نلتقی عملیاً لانظریاً مع الذین یسقطون شرط القرشیة فی الحاكم العادل.

أما إخواننا الشیعة الزیدیون، فالإمامة عندهم غیر محصورة بالأئمة الإثنی عشر علیهم السلام. بل مفتوحة لكل عالم من ذریة علی وفاطمة علیهماالسلام، فهم یشترطون فی الإمام الشرعی أن یكون قرشیاً علویاً.

وأما المسلمون السنیون، فمنهم من یوافقنا علی إسقاط شرط القرشیة فی عصرنا، عملاً بقول الخلیفة عمر، وفتوی أبی حنیفة، وهم قلة.. ویوجد فقهاء غیر عرب من السنیین ولكنهم متعصبون لقریش أكثر من عمر، وملكیون أكثر من الملك.. ومن هؤلاء أئمة الوهابیة، مثل الألبانی، حیث صحح حدیث اشتراط القرشیة فی الإمام فی سلسلة أحادیثه الصحیحة برقم1552 وقال فی آخره: 70:4 (ولذلك فعلی المسلمین إذا كانوا صادقین فی سعیهم لإعادة الدولة الإسلامیة، أن یتوبوا إلی ربهم ویرجعوا إلی دینهم، ویتبعوا أحكام شریعتهم، ومن ذلك أن الخلافة فی قریش، بالشروط المعروفة فی كتب الحدیث والفقه).

أما فی المجلد:7:3 فقد صحح حدیث الخلافة فی قریش برقم1006 وقال فی آخره: (قلت: وفی هذه الأحادیث الصحیحة رد صریح علی بعض الفرق الضالة قدیماً، وبعض المؤلفین والأحزاب الإسلامیة حدیثاً، الذین لایشترطون فی الخلیفة أن یكون عربیاً قرشیاً. وأعجب من ذلك أن یؤلف أحد المشایخ المدعین للسلفیة رسالة فی (الدولة الإسلامیة) ذكر فی أولها الشروط التی یجب أن تتوفر فی الخلیفة، إلا هذا الشرط، متجاهلاً كل هذه الأحادیث وغیرها مما فی معناها، ولما ذكرته بذلك تبسم صارفاً النظر عن البحث فی الموضوع. ولا أدری أكان ذلك لأنه لایری هذا الشرط كالذین أشرنا إلیهم آنفاً، أم أنه كان غیر مستعد للبحث من الناحیة العلمیة.

وسواء كان هذا أو ذاك، فالواجب علی كل مؤلف أن یتجرد للحق فی كل ما یكتب، وأن لایتأثر فیه باتجاه حزبی أو تیار سیاسی، ولا یلتزم فی ذلك موافقة الجمهور أو مخالفتهم). انتهی كلام الألبانی، والطریف أنه صحح حدیثاً آخر برقم1851 یقول: (الخلافة فی قریش والحكم فی الأنصار والدعوة فی الحبشة). وعلی فتواه یجب أن یكون الحاكم فی عصرنا من قریش من أی قبائلها كان، وأن یكون الوزراء من الأنصار.. وأن یكون وزیر الإرشاد والأوقاف والمفتی وكل من عمله الإعلام والدعوة من الأفارقة، والأحوط أن یكون من أثیوبیا!!

ذلك أن الوجوب الذی استفاده من الحدیث وأفتیبه بوجوب القرشیة فی الحاكم، تتساوی فیه الخلافة، والوزارة، والدعوة!! لقد فات هذا الشیخ أن فقه الحدیث أهم من سنده لأنه متقدمٌ علیه رتبةً، وأن مثل هذا الحدیث بعیدٌ عن منطق النبی صلی الله علیه وآله.. ولو صح فهو یحكی عن ظرف معین، ولیس تشریعاً إلی یوم القیامة!